زلزال تركيا وسوريا


استيقظ الناس قبيل فجر يوم الإثنين 6/2/2023 على زلزال عنيف ضرب الولايات الجنوبية لتركيا وشمال سوريا، ونتج عنه ضحايا وجرحى بالآلاف، أسأل الله الشفاء العاجل للجرحى والرحمة لمن قضى في هذا الزلزال وأن يكونوا ممن يفوز بأجر الشهيد عند الله، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «الشهداء خمسة: المطعون والمبطون، والغريق، وصاحب الهَدْمِ، والشهيد في سبيل الله».

هذا الزلزال يذكرنا بيوم الزلزلة الكبرى يوم القيامة، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)} سورة الحج.

لذا كان من الواجب المبادرة بالتوبة إلى الله سبحانه، والضراعة إليه، وسؤاله العفو والعافية، والإكثار من ذكره واستغفاره؛ ففي الصحيحين أنه لما خسفت الشمس زمن النبي صلى الله عليه وسلم قام فصلى طويلا، ثم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا”، ثم قال: “يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته”.

فضحايا الزلزال ينتظرون نجدة إخوانهم، فالله أراد أن يستخرج من أنفسنا عبودية نجدة إخواننا، والمؤمن الصادق يبادر لامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، في كيفية التعامل مع هذه المحنة العظيمة، من:
1. الإكثار من الدعاء لله والتضرع إليه أن يكشف هذه الغمة وأن ينجينا منها.
2. الذكر لله والتكبير.
3. الصلاة.
4. المساعدة والصدقة وتشمل إغاثة المنكوبين والخائفين من الزلزال بالدعم المعنوي والتشجيع وبث الأمل في نفوسهم، وتشمل الدعم المادي من تأمين المأوى، والمال، والدواء، والطعام، وهذه كلها تصب في باب الصدقة والهدية.
والأفضل أن تكون هذه النجدات والمساعدات منظمة ومنسقة بشكل واضح من قبل الجهات المساهمة أو من قبل أصحاب المبادرات المجتمعية، والفرق التطوعية، بحيث تغطي الاحتياج لجميع المنكوبين والمتضررين من الزلزال، فلا يبقى أحد مهملاً دون رعاية.

وتذكروا أن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ونرجو من جميع المسلمين الدعاء لهم أن يخفف مصابهم والوقوف معهم ودعم الجمعيات التي تساعدهم وتقوم برعايتهم، فالمسلم أخو المسلم، والمسلمون كالجسد الواحد.

ونداء خاص لإخواننا السوريين في الخارج ومن أنعم الله عليه بنعمة الأمن والمال، لا تنسوا إخوانكم، كثير منهم تهدّمت بيوتهم وفقدوا أحبتهم والبعض منهم بحاجة لعمليات جراحية، والبعض أصبح وحيداً أو يتيماً، ولا يوجد دولة قوية ترعى شؤونهم بشكل جاد وحقيقي.

وأقول لمن تعرض للزلزال وخصوصاً أهلنا السوريين أنه ورد أن أشد الناس ابتلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، ويُبتلى الناس على قدر دينهم، ابتلي الصحابة في الطاعون وهم خير الناس بعد الأنبياء، وتوفي منهم عدد كبير من الصحابة ومن ذرياتهم، ولم يتلقوا ذلك إلا بالصبر والاحتساب.

قد يسأل سائل: هناك بلاد فيها كفر أو فسوق أو فجور، لمَ لم تصب بالزلزال؟ لماذا أصيبت بلاد فيها مسلمون؟ الجواب: أن الزلزال ظاهرة طبيعية وهو اهتزاز أو سلسلة من الاهتزازات الارتجاجية المتتالية لسطح، والتي تنتج عن حركة الصفائح الصخرية في القشرة الأرضية، ويسمى مركز الزلزال «البؤرة»، يتبع ذلك بارتدادات تدعى أمواجاً زلزالية، وهذا يعود إلى تكسر الصخور وإزاحتها بسبب تراكم إجهادات داخلية للأرض نتيجة لمؤثرات جيولوجية ينجم عنها تحرك الصفائح الأرضية.

فالبلاد التي نجت من الزلزال لا يعني أنها مستقيمة، والبلاد التي تعرضت للزلزال لا يعني أنها كافرة فاجرة، فربما تكون هناك حكمة بالغة من الله تعالى في إيقاع الزلزال ردعاً للمجرمين، وقد تكون هنالك حكمة في نجاة البعض تشجيعاً للمحسنين.

فمن كان مستقيما فهي له ابتلاء ورفعة درجات، ومن ابتلي بالذنوب فليعدْ وليتب ولا يستمر في غفلته فهذا نذير تخويف من الله سبحانه.. ولا شكَّ بأن هذا الزلزال درس عظيم بليغ للمستكبرين والطغاة.. ودرس للمتجبرين الظالمين أن تذكروا قدرة الله وقهره، فالله قادر أن يغير نظام هذا الكون في لحظات يسيرة فلا تأمنوا مكر الله..

بقلم: أحمد الصالح الحجي

شاركنا بتعليق






  • جزاكم الله خير الجزاء مقال رائع جداً
    كثيراً ما أصابنا الحزن والجزع لهذه الكارثة في أولها ثم عدنا إلى الله تعالى تضرعا وإيماناً
    بحوله وقدرته
    من أكثر أسئلة أطفالنا أليس ربنا رحيم بالأطفال لماذا أكثر المصابين من الأطفال وفاة أو يتم 😔 ماذا أجيبهم

  • نسأل الله الثبات احيانا بلاء فوق بلاء قد يضعف ايمان العبد ويشعره باليأس لذا نسأل الله الثبات وان لايحملنا مالاطاقة لنا به حتى المصائب فتنة أساله ربي ان يعافينا في الدنيا والاخرة

  • نسأل الله الثبات. والعافية حتى البلاء فتنة