الزوجة المطيعة


يعيش الشاب عمره يبحث عن شريكة الحياة التي يكمل بها نصف دينه، فتاة الحب والحنية والأدب واللطف والطاعة، أنثى بكل ما تملك الأنثى من صفات جاذبة للرجل، والأهم لا تنسى نفسها أنها أنثى، فلا تضع نفسها في موقف الندية مع الرجل، تناطحه ويناطحها، بل إذا لجأ إليها لجأ إلى واحة غنّاء ظلالها وارفة، يأوي إليها من تعب الحياة وكدها وشقائها، يبحث عن السكن الذي ذكره الله في قوله تعالى: { وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا ‌لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ } سورة النحل.

فإن عثر هذا الشاب على الفتاة الواعية، الملتزمة بدينها، فقد عثر على جوهرة نفيسة ودرة مكنونة، فقد سئل رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ فقال: التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره” رواه أحمد والنسائي، ففي هذا الحديث الشريف يبين الرسول الكريم النظرة التكاملية للزوجة الصالحة من منظور الشرع وذكر لها صفات، حريٌّ بكل زوجة أن تتمثلها وتتحلى بها، أول هذه الخصال هي الطاعة، فقد أوجب الشارع على المرأة طاعة زوجها، وتعبدها بهذا، ورتب لها الثواب العظيم لذلك، وقرنها مع أصول الإسلام لعظم أجرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا صلت المرأة خَمْسَها، وصامت شهرها، وحصَّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ) رواه أحمد.
وقد جعل الله للزوج حق القوامة وهذا يتطلب أن يكون هناك طاعة منها له، وإلا لن يسير ركب الحياة بسلام، والطاعة حق للزوج فيما هو من آثار الزواج وغيره مالم يأمرها بمعصية، فإن أمرها بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

قال فضيلة الدكتور محمد بن لطفي الصباغ حفظه الله معلقًا على مبدأ طاعة الزوج فيما لا معصية فيه: (وهذا أمر طبيعي، فإن كان الزواج شركة، وكان الرجل هو صاحب القوامة، فلابد من طاعته فيما يأمر وينهى في حدود الشرع، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

قد شاعت بين عدد من المثقفات فكرة خاطئة، وهي أن مساواة الرجل بالمرأة تقتضي تحررها نهائياً من طاعته، وهي غلط في مقدمتها ونتيجتها، فمساواة المرأة بالرجل خديعة أطلقها ناس وهم لا يصدقونها؛ لأن الواقع لا يصدقها، ولو كان ذلك صحيحاً، فليس من الضروري أن يترتب عليها عدم الطاعة؛ لأن طاعة الرئيس لا تعني عدم المساواة بينه وبين مرؤوسيه، وهذه الفكرة هي السبب في هدم بنيان كثير من الأسر اليوم.
إن الحياة المشتركة ينبغي أن تكون مبنية على التفاهم والتحاور‌‌ والتشاور، ولكن القوامة ينبغي أن تكون للرجل كما قال ربنا تبارك وتعالى: { ٱلرِّجَالُ ‌قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ } سورة النساء.

وهناك حقيقة لابد أن تعلمها الزوجة المثقفة، وأن تتذكرها دائمًا، وهي أن الرجل السوي لا يحب المرأة المسترجلة التي ترفع صوتها فوق صوته، والتي تشاجره في كل أمر، وتخالفه في كل رغبة، وتسارع إلى رَد رأيه أو ما يقول، إن هذا الرجل – إن لم يطلقها – عاش معها كئيبًا عابسًا كارهاً، فتكون بذلك قد حرمت نفسها رؤية البهجة المرحة في وجه زوجها ومعاملته، وحرمت بيتها التمتع بالحنان الدافئ، وهي الخاسرة سواء شُرِّدَ أولادها بالطلاق، وتحطمت نفسيتها بالترمُّل، أم بقيت في بيتٍ تعلوه سحب المصادمات اليومية، والحرائق النزاعية)

وهذه الطاعة من المرأة لزوجها من أعظم الأبواب لكسب قلب الرجل، وإضفاء التفاهم والتوافق في الحياة الزوجية، فحين تكون الزوجة هينة لينة مطيعة، يجعل الحياة المشتركة بينهما أكثر وئاماً وانسجاماً ووفاقاً، وقد بدأت بذكره في المقال السابق، واستكملت هنا عن أحد أهم عناصر التوافق الزوجي عند الزوجة وهو الطاعة، وأستكمل معكم في المقالات القادمة عن بقية الخصال والصفات التي تسهم في التوافق والتآلف الزوجي، والله ولي التوفيق..

إعداد: مركز الوقاية الأسرية

المراجع:
1ـ القرآن الكريم.
2ـ سنن النسائي.
3ـ كتاب: عودة الحجاب، محمد إسماعيل المقدم.
4ـ ينظر: الزواج السعيد في ظل المودة والرحمة، للشيخ: محمد زكريا مسعود.

 

شاركنا بتعليق






  • بارك الله فيكم وبجهودكم … وزادكم الله من فضله وعلمه كلام جميل
    اللهم أعنا على طاعة الله وطاعة رسوله …..