أنت مُكرَّم


من الاستشارات المؤلمة التي عرضت لي: امرأة متعلمة متدينة متزوجة من رجل متعلم ومتدين تفكر بالانتحار وتتمنى الموت!
ومن خلال التّدقيق في الأسباب كان السّبب الجوهري هو احتقار الزّوج لها والسّخرية منها ومن تصرفاتها بشكل مستمر.
قد يقول قائل: معقول هذا السّبب يؤدي لذلك؟!

أقول نعم وكفى به سببا.

عندما يشعر الإنسان أنّه محتقر وغير مقدر وهو يقدّم كل ما يستطيع من جهد ووقت، بل يشعر أنه ملزم بتقديم هذا الجهد وأنّه واجب شرعي وأخلاقي، سيجد نفسه داخل قفص اليأس فيقفل الباب وراءه، ولا يجد وسيلة للخروج منه، فتضيق عليه الأمور بشكل تدريجي فيصل لتمني الموت أو التّفكير به. وقد انتشرت هذه الحالة بأكثر من صورة، منها:
تعرض التّلاميذ في المدرس للتّنمر بشكل دوريّ.
تعرض الكثير من العمال في المعامل والورشات للإهانة النّفسيّة بشكل يوميّ.
تعرض بعض الأبناء للإهانة من قبل الوالدين أو الأخ الأكبر.
وهذا الأمر يتطلب خطوات للتّعامل معه، تخفف تبعات الحالة النّفسيّة وتقوّي المناعة النّفسيّة للأشخاص المعرضين للإهانة أو التّنمر بشكل دائم.

ومن أهم الأشياء التي ينصح بها:

أولا: استشارة مختص نفسيّ أو تربويّ عند الوصول لحالة الضّغط أو اليأس أو تمني الموت.
وهذه الخطوة أساسيّة لابد منها، فلا الكتمان ولا الخجل من بوح الأسرار ولا الخوف من كلام فلان أو علان يفيد، فحياتك مهددة وتتمنى الموت فلا تحسب حساب هؤلاء الأشخاص (الذين تخاف من كلامهم) فهم سبب هذا الدّمار النّفسيّ الّذي وصلت له.

ثانيا: تعلّم مهارات الثّقة بالذّات، فأنت إنسان مكرّم قد كرّمك الله عزّ وجل، ووجدت في هذه الدّنيا من أجل غاية عظيمة وأهداف نبيلة، فلا تحتقر نفسك وتأكد أنّ فيك نقاط قوّة تميّزك عن الآخرين، وعندك مواهب مفيدة تحتاج فقط أن تفسح المجال لاكتشافها وتوظيفها فتجد حياتك قد انتقلت لضفة أخرى.

ثالثا: خطط لتغيير البيئة المسببة لليأس: ربما تكون الظّروف الحالية لا تسمح لك بتغيير البيئة التي أوجدت هذا الضّغط ولكن من خلال استشارة أهل الاختصاص، والتّفكير بوضع جدول زمني لتغيير هذه البيئة ستتغيّر بإذن الله ـ مهما كلف الأمر.

رابعا: التفريغ اليومي: يؤكد أهل الاختصاص النّفسيّ أنّه يوجد ثلاث قنوات لتفريغ الضّغوط والتّراكمات النّفسيّة وهي:
1- الرّوحية: من خلال الصلاة بخشوع وسماع الدّروس الإيمانية بشكل يومي مما يزيد الحالة الإيمانيّة، والدّعاء والذّكر، فهي وسائل جوهريّة في حل المشكلات الكبرى والصّغرى.
2- الجسديّة: من خلال المشي اليومي في الهواء الطّلق ـ بعيدا عن الهاتف ـ ومن خلال ممارسة الرّياضة والطّعام الصّحيّ.
3- الفكريّة: من خلال التأمل والتّفكر والكتابة وترتيب الأولويات بشكل دائم.

أخي / أختي لا تيأس فلكل مشكلة حل ربما أنت عجزت عن معرفته أو تطبيقه لكن رحمة الله واسعة، فنحن في زمن وجد فيه أهل الاختصاص لمساعدتنا فتكون حياتنا أفضل، وتذكروا دائما أنكم خلقتم لغاية عظيمة وأهداف نبيلة وعندكم قدرات مميزة فلا تستسلموا للشّيطان وجنوده فتقعوا في مستنقع اليأس، فدوام الحال من المحال.

بقلم محمد لحموني
مركز الوقاية الأسرية

شاركنا بتعليق






  • من الأسباب التي تعين على تجاوز مثل هذه الأزمة ان أحيط نفسي باشخاص يكونون مصدر دعم إيجابي لاستعيد ثقتي بالاحترام والخب المتبادل ضمن الإطار الشرعي .. وجود صديقة تقدم الدعم والنصح الحقيقي الملتزم الجاد يساعد كثيرا في وضع المشكلة مع الزوج ضمن إطارها وحجمها الحقيقي .

  • بارك الله بكم وبجهودكم استاذ محمد.مقالة موفقة وقد ذكرتم نقاط مهمة كالتفريغ اليومي للمشاكل.. لفت انتباهي ذلك.

  • تم