أنت على الفطرة


الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، الحمد لله الذي شرع لنا دين الفطرة، دين الأخلاق والقيم السامية النبيلة، والصلاة والسلام على معلمنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
جاء وابصة بن معبد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن البر، فقال له ” يَا وَابِصَةُ: ‌اسْتَفْتِ ‌قَلْبَكَ، وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ ” أخرجه أحمد في المسند 4/228 وحكم عليه الإمام النووي بالحسن في الأربعين الحديث السابع والعشرون.

أحال الصحابي الجليل إلى قلبه، وأن يستفتي قلبه، هل كل قلب صالح لأن يستفتى؟ ويعرف الخير من الشر؟ القلب المليء بحب الحرام والشهوات والمعاصي، أما قلب الصحابي الجليل قلب نقي، قلب على الفطرة السليمة التي تستهجن وتستنكر كل رذيلة، وتستحسن كل معروف وحسن، فإن لم يكن هذا الدين، فما هو إذن؟!
قال تعالى: {فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ ‌فِطۡرَتَ ‌ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ} سورة الروم، آية 30 .

يقول ابن عاشور رحمه الله في تفسيرها:
بالفطرة الإسلامية كان الإسلام صالحاً لكل زمان ومكان، الفطرة هي قوام الشريعة المحمدية، فوصف الإسلام بأنه فطرة الله معناه أن أصل الاعتقاد فيه جار على مقتضى الفطرة العقلية، وأما تشريعاته وتفاريعه فهي: إما أمور فطرية أيضاً، أي جارية على وفق ما يدركه العقل ويشهد به، وإما أن تكون لصلاحه مما لا ينافي فطرته، وقوانين المعاملات فيه هي راجعة إلى ما تشهد به الفطرة؛ لأن طلب المصالح من الفطرة، ووصف الإسلام بأنه دين الفطرة معناها وصف له بأنه دين سمح يسر؛ لأن السماحة واليسر من مبتغى الفطرة، والله خلق الناس عقولهم سليمة مما يتنافى مع الفطرة والضلالات المدخلة عليه.
التحرير والتنوير، تفسير سورة الروم، 21/88، ومواضع أخرى بتصرف.

إذا كان يحزنك الملحد أو صاحب كل عقيدة فاسدة الذي لا يهتدي إلى إله عظيم كريم، عز جاهه وتقدست أسماؤه، يناجيه ويلجأ إليه فيكون أقرب إليه من روحه التي بين جنبيه، فأنت على الفطرة!
إذا كنت ما زلت ترين في زوجك أنه قوّام عليك، يتولى أمرك وأمر أسرتك، وله عليك حق الطاعة بالمعروف، فأنت على الفطرة!
إذا كانت تحزنك صديقتك التي ترضي لمديرها في العمل أن يأمر وينهى، ويرغي ويزبد إذا غضب فتهدأ من ثورته حفاظاً على عملها ومنزلتها لديه ولا ترضى هذا لزوجها، فأنت على الفطرة!
إذا كنت تطبخين بحب، وتعدين أطباق أسرتك بكل ود ودفء فأنت على الفطرة!
إذا كنت تهتمين بأولادك وأطفالك، وتوليهم وقتك وعنايتك، وأولى أولوياتك في الحياة، وتعلمين أن مهمتك الأولى هي تربية الأجيال، وما أعظمها وأصعبها من مهمة، فأنت على الفطرة !
إذا كانت الترندات وما يتصدر مواقع التواصل، تثير اشمئزازك وقرفك لكمية السخافة التي تحملها، فأنت على الفطرة!

إذا كان يحزنك حال الشباب الضائع، الشباب الذي هو رمز للقوة والعزم، لكنهم في زماننا رمز للميوعة والانحلال إلا من رحم ربك، فأنت على الفطرة!
إذا كان يحزنك شباب الجيل الذي يفاخر بأركيلته ودخانه ويرى قيمته من خلالهم، وهمه تسريحة شعره وقصته، ونوعية لباسه التي هو فيها تبع لكل ناعق فأنت على الفطرة!
إذا كنت تري أن العزة والعظمة والقوة في الإسلام وأهله، ولا تغرك الحضارات الغربية الزائفة التي تكشف عن لثامها المزيف يوماً بعد يوم، فأنت على الفطرة!

بقلم: رزان البيانوني

شاركنا بتعليق






لا يوجد تعليقات بعد