ملتقى خريجات الشريعة – مجمع سلطان العلماء
الجمعة: 17/ 11/ 2023م
1. غزت اليابان العالم بأفلام الأنمي (الرسوم المتحركة اليابانية) التي يشاهدها الملايين، في مختلف بلاد العالم، بعد أن أصبحوا عشّاقاً لها، ومنها تحوّلوا إلى قراءة المانغا وهي القصص المصورة التي استمدت منها أفلام ومسلسلات الأنمي قصصها، ومن خلال تلك وتلك نشرت اليابان عقائدها وثقافتها وقيمها وذوقها الجمالي أيضاً.
2. إذا كانت أفلام الرسوم المتحركة الغربية تتوجه للأطفال خاصة، فإن أفلام ومسلسلات الإنمي تتوجه لكل الشرائح العمرية، فمنها ما يتوجه للأطفال، ومنها ما يتوجه لفئة القصَّر الذكور أو الإناث، ومنها ما يتوجه للشباب والشابات الجامعيين، أو الكبار من الرجال والنساء، وهناك أنواع تركز على الجنس فتتوجه للباحثين عن المتعة المحرّمة، أو للشاذين والشاذات، ومنها ما يركز على أشياء أخرى كالخيال العلمي والروبوتات، والمغامرات، أو قصص الدراما أو الكوميديا…..إلخ. أنواع كثيرة وتصنيفات كثيرة تجعل لهذه القصص قدرة كبيرة على الوصول لكل الشرائح، وبالتالي القدرة على إيصال أفكارها وقيمها وتصوراتها عن الكون والحياة.
3. الأنمي ثقافة يابانية، هي قصص كُتبت ورُسمت ونفّذت بأيد يابانية، وهذا يعني أنها ستنقل لنا طريقة التفكير اليابانية، مهما كان في الأمر من خيال. وتتضمن أفلام ومسلسلات الأنمي قيماً عديدة، تتركز بمجملها على: القوة الجسدية والذكاء وحب المعرفة والثروة والجمال وغيرها من القيم المادية. وبعض هذه القصص وصلت لمرحلة لم يعد فيها ما يسمى حق وباطل، فكل شيء يخضع للنسبية المطلقة. وبالتالي، باتت هناك سيولة كبيرة في مفاهيم “الخير” و”الشر”.
4. تأثير الأنمي الياباني على الأطفال والشباب العرب والمسلمين قد يكون إيجابيًا في قليل من الأحيان، لكن التأثير السلبي أكبر، وأخطر التأثيرات المحتملة تشمل الانفصال الثقافي، وتقبّل العنف والمحتوى غير اللائق، بالإضافة إلى التنميط الخاطئ وتكريس أدوار للرجال والنساء غير معتادة في البلاد العربية والإسلامية، وقد يعزّز الأنمي الياباني التصوّرات النمطية أو يعزّز الأدوار التقليدية التي لا تتوافق مع التطوّر الاجتماعي للعالم العربي والإسلامي. مما يؤثر في طريقة تصور الأطفال والشباب لأنفسهم والآخرين، وفهمهم لمهمة الرجل والمرأة في المجتمع والتوقّعات الاجتماعية.
5. يُسهم انتشار الأنمي، خاصة إذا لم يجار القيم والمعايير الثقافية للعالم العربي، في إضعاف الهُوِيَّة الثقافية بين الأطفال والشباب. وقد يشعرون بالانفصال عن ثقافتهم وتراثهم وانعدام الشعور بالوجود والشعور بالتهميش، بالإضافة إلى غياب النماذج القدوة من الذين يمثّلون خلفيّتهم الثقافية وتجاربهم.
6. يمكن أن يؤدّي الشغف بالأنمي إلى تفضيل الأطفال والشباب للثقافات الأخرى، خاصّة إذا تمّ تصوير هذه الثقافات بتمجيد إيجابي. ويمكن أن ينشأ شعور بالدونية أو السخط على ثقافتهم المحلّية، مما يؤدي إلى رغبة في تبنّي القيم والسلوكيات وأسلوب الحياة للثقافة الأجنبية.
7. الأنمي عالم كبير، وسنوياً يتم إنتاج مئات الأعمال، أغلبها مليئ بالأفكار الإلحادية، والشذوذ، البيدوفيليا و والإباحية… فمن دخل للأنمي وهدفه مشاهدة بعض الأنميات والإستمتاع بها فقط، ستجده مع الوقت يذهب للتصنيفات المنحرفة وذلك العالم كالمتاهة صعب الخروج منه.
8. نجد في الأنمي خليطاً من العقائد التي هي أصلاً موجودة في اليابان، مما يؤدي إلى تسخيف مسألة وجود إله واحد حاكم كامل العلم والقدرة، فتجد عقيدة تعدد الآلهة على الطراز اليوناني أو الشرقي مع حضور كثيف للصليب المسيحي، مع أنسنة للإله وغوص في مشاعره البشرية وكشف عن قدرته المحدودة في التعامل مع الأخطار المهددة له أو للأرض أو للبشرية، وفي بعض الأحيان إظهار الإله بصورة العابث الذي لا يتحمل مسؤولية أفعاله وألّا حكمة من أفعاله، وفي أحيان أخرى قدرة البشر على تملك قدرة إلهية أو بلوغ مرتبة الإله، ولا يخفى تأثير هذه الأفكار في توليد إشكالات لدى النشء وغيرهم ممن لم تتشكل لديهم حصانة عقدية إسلامية، فتنبثق عن تلك الإشكالات أسئلة وجودية تكشف عن نزعة إلحادية تراكمت عبر أفكار الأنمي.
9. للحد من تأثيرات الأنمي من المهم تعزيز إنتاج واستهلاك المحتوى المحلّي الذي يعكس القيم والتقاليد وتجارب العالم العربي والإسلامي، ما سيوفّر للنشء نظامًا إعلاميًا متوازنًا ويساعدهم على تطور التفهم العميق لثقافتهم وهويّتهم. ويجب على أولياء الأمور والمعلّمين العمل على توجيه الأطفال والشباب لمشاهدة الأنمي الياباني والإعلام الأجنبي الآخر بشكل معتدل واختياري، فالأنمي مجال تربوي ليس مليئاً بالرسائل الهادفة، بل أنميات قليلة فقط من يقال عليها هذا القول والإستثناء ليس قاعدة.
المشاركات في محاور الورشة
فاطمة طبشو
آلاء الجميلي
نبال الخلف
نورا سرميني
بإشراف الدكتورة: رغداء زيدان دكتوراة في الدراسات الإسلامية
لا يوجد تعليقات بعد