الزواج والنظرة الاجتماعية


تحيط بالزواج الكثير من الاضطرابات التي يعتبرها البعض أموراً عادية، بينما ينظر إليها آخرون أنها مزعجة ولذلك يبتعدون عن الزواج.
هناك عدة أمور مهمة لنجاح الزواج سنتعرض لكيفية التعامل معها، ومن هذه الأمور طبيعة النظرة الاجتماعية، والعادات والتقاليد السائدة، ومتطلبات الحياة العصرية وتأثير هذا على العلاقة بين الجنسين، ونحاول أن ندلل على أهمية تغيير نظرتنا ومواقفنا الاجتماعية مما يمكن أن يخفف الضغط على الأزواج أو من يرغب بالزواج، قال الله تعالى: “سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون” يس 36.

علاقة الفكر بالسلوك:
إن الأفكار التي نحملها لها أثر كبير ومباشر في طريقة حياتنا، فعلينا أن نستحضر العلاقة بين الفكر والسلوك، ونحن نحاول أن نجري تغييراً إيجابياً في السلوك، فمن أجل تغيير السلوك علينا أن نغير طريقة التفكير، أو طبيعة الأفكار التي نحملها.
كما يجب على الزوجين أن يقفا على أرضية صلبة متينة من الفهم والفكر السليم، ويبديا مرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات بحسب الظروف والتبدلات.

العادات وطبيعة دور الجنسين:
إن مما يميز الإنسان أنه قادر على التفكير في نفسه وسلوكه، وأنه قادر على تغيير هذا السلوك وفق ما يراه مناسباً، والعادة أن يصوغ الناس أفكاراً يبنون عليها أعرافاً وقوانين، مع مقاومة أي تغيير لهذه الأعراف، وقد تأتي بعض هذه الأعراف عن طريق رسمي ومن الدين والمبادئ، لكن هناك ما يأتي بشكل لا يقوم على أرضية واضحة من الفهم والفكر، فمن المهم التفريق بين القوانين التي لها أصولها وضوابطها، وبين الأعراف التي لا تقوم على أصول ثابتة، وهي تتبدل من وقت لآخر ومكان لآخر، وهي بالتالي قابلة للتعديل والتغيير.

ومن الأمور التي تبدو أنها تتغير مع الوقت، طبيعة أدوار كل من الجنسين، إذ ليس في الغالب ليس له علاقة مباشرة بطبيعة تكوين كل منهما، قيما عدا ماله من التكوين الجسدي للمرأة والقدرة على الإنجاب، كما أن هنالك أموراً مشتركة بينمها كالنواحي الفكرية والمعرفية والعواطف والإبداع والإيمان والخطاب، أهم من الفروق الجسدية بينمها.
يبدو أن كثيراً مما نعتقده عن الزواج ودور الزوجين، وما يقدران على فعله أو عدم فعله، إنما هو تعلم اكتسبناه بشكل عفوي وغير موجه من خلال ملاحظة من حولنا من الوالدين والأجداد والمجتمع، ومن وسائل الإعلام، وما يلقى علينا من آراء دينية ليس لها ما يدعمها في صحيح الدين وروحه، فوسائل الإعلام تصور المرأة في الغالب على أنه لإمتاع الرجل وإنتاج الأولاد، والثرثرةـ وانتظار الرجل وهو يعمل ويكدح.

يبدو أن الصورة السائدة في مجتمعاتنا اليوم لا تتفق مع تعاليم الدين الإسلام والتي عاشها الرعيل الأول، فالصورة الصحيحة إنما هي صورة متكافئة بعيدة عن النمطية والدور المفروض، إنها صورة حيوية تقوم على الفهم والاحترام المتبادل لإمكانات الجنسين وتكاملهما، بحيث يشتركان في كثير من الواجبات والاهتمامات واتخاذ القرارات المهمة في حياتهما.
طبيعة الزواج المعاصر

يعود تاريخ الزواج في حياة البشر إلى الإنسان الأول في آدم وحواء، وقد استطاع الزواج التكيف مع كل التبدلات عبر التاريخ الطويل، فلا بد للزواج من أجل النجاح من مواكبة التبدلات الكثيرة في طبيعة الحياة الاجتماعية.
فقد تبدلت كثير من المفاهيم التي كانت تسود الحياة الزوجية من العمل المنزلي إلى صفات الرقة والعاطفة التي توصف بها النساء، وكذلك الصفات التي كان يوصف فيها الرجل كالحكمة والإنتاج والقوة، فقد أصبحت كلها أوصافاً قد يتصف بها كلا الجنسين بشكل عام.

لم يعد الزواج فرضاً على المرأة بسبب الضغط الاجتماعي أو المادي، فهي يمكنها أن تتعلم وتصبح صاحبة مهنة تعيش عليها، وبالتالي أصبح الزواج خياراً كما هو للرجل، وأصبح على الرجل أن يبذل جهده ويقوم بدوره لجعل الزواج أمراً جذاباً للمرأة لتتزوج به، أصبح الأصل في العلاقة الزوجية التكافؤ والصداقة والاحترام، وعلى كل طرف أ\ن يتجنب ما يزعج الآخر، ويسعى بما ينفعه لأنهما معاً على أرض واحدة، فكل عمل حسن يقدمه الواحد منهما إلى الآخر تعود ثماره على فاعله بشكل أو بآخر، قال تعالى، “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” الرحمن 60.

إن الزواج الناجح يشجع على الفروق التي تحترم من قبل الطرفين، فالفروق ليست بالضرورة سلبية، فهي يمكن أن تضيف بعض التشويق، ويتطلب هذا قدراً كبيراً من التفهم والقبول وهذا ما يشكل وحدة متينة، إلا أنها وحدة مع التنوع.
وتبقى أهم دعامتين لكل زواج ناجح متين الاحترام المتبادل والتكامل بين الطرفين.
الزواج كعقد اجتماعي:

ليس الزواج مجرد التقاء طرفين للاستمتاع ببعضهما، وإنما يتضمن تعهداً وتصميماً على أنها علاقة مدى الحياة، وليس في الزواج مكان لمبدأ التجريب لنرى هل ينجح الأمر أم لا، ولا يصح الدخول في عقد الزواج على نية الطلاق.

تذكر الأبحاث نتائج سلبية لعيش الرجل والمرأة معاً عن طريق غير الزواج ونذكر منها بالإضافة للحرمة الشرعية والأخلاقية:
١_ الاعتباطية والتردد في إقامة علاقة دائمة.
٢_ معظم هذه الحالات تنتهي بالانفصال بعكس ما يدعي الناس من أنها فرصة للتعارف.
٣_ اختلاف دوافع الجنسين حيث يميل الرجل للبحث عن المتعة بينما تسعى المرأة للعلاقة الدائمة.
٤_ عادة ما تكون المرأة ضحية هذا النوع من العلاقات أكثر من الرجل.
5- قد تصل الآثار السلبية للانفصال في مثل هذه العلاقات إلى نفس نتائج الطلاق بين الزوجين.

تلخيص: انتصار الدن
فريق مودة ورحمة
من كتاب: التفاهم في الحياة الزوجية، لمأمون مبيض

شاركنا بتعليق






لا يوجد تعليقات بعد