إلى متى البقاء في المستنقع؟


المتأمل للبيئة التي نعيش بها يجد انتشارا واضحا للتّذمر والسّلبيّة على كافة المستويات، ففي الجانب الأسري على سبيل المثال تجد الزّوج يتذمر من زوجته ويلقي عليها التّهم واللوم ولا يرى بها شيئاً حسنا، أو الزّوجة تجدها متذمرة من أفعال زوجها المقصر أو أبنائها … فيصبح الأمر ثقافة في البيت.

وعلى صعيد العمل نجد بعض العاملين أو الموظفين متذمرين بشكل دائم من أي توجيه أو تصرف يحدث في بيئة العمل، مما يؤدي لنشر السّلبية في البيئة المحيطة والعطالة وفقدان الشغف، وبجملة مفيدة يصبح الموظف السّلبي قاتلاً محترفا للإيجابيّة والإنجاز والتّغيير.

وفي الشأن العام نجد مجتمعنا متخم بالسّلبية وتفوح منه رائحة اليأس وفقدان الحماس وضياع البوصلة وتيه أشبه ما يكون بتيه بني إسرائيل.

فما أهم مسببات السّلبية والتّذمر؟

1- غياب التربيّة الإيجابية:
واجب الآباء أو المعلمين تزكية أبنائهم أو طلابهم وتنقية فكرهم وقلوبهم من المفاهيم الخاطئة أو المورثات الباطلة، وغرس القيم المنتجة في حياتهم الشّخصيّة والعامة، وأهمها قيمة الإيجابيّة والمبادرة فهي المحرك نحو الحياة الطّيبة المنتجة.

2- ضعف العلاقة بالله عزّوجل:
من مقاصد الإيمان إكساب التّفاؤل والإيجابيّة، والمؤمن المتعلق بحبل الله عزّ وجل لا يمارس التّذمر بل يدفعه إيمانه للعمل والجد والعطاء.

3- الخلط بين النقد والتذمر:
النّقد هو تصحيح الأخطاء أو المسارات بهدف تحسين الوضع، أمّا التّذمر فهو اللوم بغاية التّنفيس والكلام فقط دون رغبة حقيقيّة في التّغيير، وغالبا ما يتحول التّذمر لطريقة تفكير تبرر العجز الشخصي أو الجماعي.

4- البيئة المساعدة:
السّلبيّة فيروس يصيب التّفكير ومن خصائص الفيروسات الانتشار السريع، فوجود شخص سلبي في مكان ما كفيل في نشر السّلبيّة في المكان كله.

من أجل ذلك لابد من معرفة صفات الشّخص السّلبي حتى نبتعد عنه أو نسهم في نصحه ــــــ مع وجود مساحة بعد كافية تقينا من العدوى والانجرار للسّلبيّة والتّذمرـــــ

من أهم علامات الشّخص السّلبي أنه صاحب نظرة متشائمة للحياة، ويتوقع دائما الأسوأ مع أي حدث يحصل معه أو مع الآخرين أو حتى في الشأن العام، دائم الشّكوى ولا يعجبه أي شيء، صاحب حساسيّة مفرطة وخصوصا من النّقد أو التّوجيه، يحاول فرض أسلوبه أو وجهة نظره على الآخرين.

باختصار شديد هناك مثل نستخدمه باللهجة العامية “الأرض عوجا” يعبر عن الشخص السّلبي المتذمر تماما.

ختاما لابد من خطوات عمليّة جادة وحاسمة تسهم بالتّعافي من هذا الفيروس الخطير وتعلم مهارات التّفكير الإيجابي. فالسّلبي يطحن نفسه ويدمر حياته ويؤثر على أقرب الناس تعاملا معه.
والتّعافي من هذا الفيروس – السّلبيّة- هو الخطوة الأولى للخروج من مستنقع العجز والكآبة وفقدان الشّغف.

بقلم أ. محمد لحموني

شاركنا بتعليق






لا يوجد تعليقات بعد