المراهقة والواقع


يمكن تعريف مرحلة المراهقة بأنها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى النضج بكل أبعادها الجسمية والعقلية والنفسية والاجتماعية، أو الانتقال من مرحلة الطاعة والاعتماد والاتكال إلى مرحلة الكشف عن الهوية والاستقلالية.

إن مرحلة المراهقة مختلفة عن المراحل السابقة حيث أنه كان يتم العناية بالأطفال عناية تشمل الرعاية والوقاية والسلطة بينما يختلف الأمر مع المراهقين فبدلًا من قيام الوالدين بدور القائد الآمر يتعين الآن عليهما أن يكونا مفاوضَين ومستشارَين.

مفاوضَين بحيث أنهما يصلان مع المراهق إلى قرارات مرضية للطرفين؛ ومستشارَين يقدمان التوجيه والنصح والاهتمام حيث إن المراهقين يطالبون والديهم أن يتركوهم وشأنهم ولكنهم يحتاجون لإدراك أن والدَيهم يشعران بالاهتمام والعناية بهم.

يصبح المراهقون كسالى عندما تختار الأم لنفسها أن تكون بمثابة خادمه للأسرة فليعتمد الأولاد بهذا على أنفسهم في عمل أي شيء حيث أنهم يكبرون متوقعين أن يكون هناك دائمًا شخص ما ينتظرهم ليخدمهم ويؤدي كل المهام المنزلية.

فمن واجب الوالدَين مساعدة أولادهم المراهقين على التحكم والتصرف بحياتهم الخاصة ومن واجبهم عدم التسرع مع أولادهم بشأن اتخاذ تلك القرارات الخاصة بحياة أولادهم، فيجب أن يتعلموا السماح لأولادهم بحرية الاختلاف معهم وأن يدركوا أنهم لا يستطيعون السيطرة على عقول أولادهم المراهقين بل يمكن أن يشجعوهم على التفكير بالبدائل المختلفة مع تجنب إجبارهم عليها.

لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة وهي سيطرة بعض الآباء على حياة بناتهم بشكل خاص فنجد أن بعض الآباء يقومون بإدارة شؤون بناتهم في كل صغيرة وكبيرة ويحبون أن يحموهن من كل عارض مما يجعل إدارتهنَّ لأمور حياتهنَّ عندما يكبرن أمرًا صعبا وشاقًا فقد تعودا فيما سبق ولمدة طويلة على الاعتماد على آبائهن وأمهاتهن في كل شيء نتيجة لفرط اهتمام الوالدين بهم وهكذا لا يدربون بناتهن على اتخاذ القرارات وبالتالي لا يستطعن تصريف شؤون حياتهن الروتينية.

فيجمُل بالآباء والأمهات أخذ الحيطة في هذا الجانب بمنح بناتهم نوعًا من الاستقلالية والاعتماد على الذات شيئًا فشيئا منذ الصغر وذلك بإتاحة المجال لهن في الاشتراك في النشاطات الموصلة لهذا الهدف.
أخيرا فان الثقة في الأولاد بالإضافة إلى توجيه وهدي الوالدين يؤدي إلى الاعتماد على الذات والمسؤولية.

لتعليم الطفل الاستقلالية لابد لنا من اتباع بعض الارشادات للتعامل مع قلق الانفصال عند الاطفال:
١) ينبغي ألا يستمر الانفصال طويلًا وأن يحدث فقط عند الضرورة الملحة لا سيما في المرات الأولى.
٢) من المهم طمأنه الطفل فحتى الانفصال القصير مثل الذهاب إلى الحضانة في الصباح قد يكون شاقًا ومرهقًا على نفسية الطفل الحساس فالواجب على الآباء والأمهات تخصيص بعض الوقت مسبقا للتحدث مع أطفالهم حول التغيرات التي ستحدث أثناء غيابهم.
٣) يجب على الوالدين عدم مغادرة المنزل دون إشعار طفلهما بذلك حتى وإن كان الوداع مزعجا فهو أفضل من اختفاء الوالدين فجأة؛ ومن المهم أن يُظهر الوالدان أمام الطفل الشعور بالارتياح لأن إظهار التوتر أمامه يسبب للطفل الشعور بالقلق والخوف، ومن المهم أيضا أن تتجنب تمديد المدة التي حددتها لطفلك.

مركز الوقاية الأسرية
تلخيص: خديجة محمد وديع العبسي
من كتاب: التربية الوالدية (رؤية منهجية تطبيقية)

شاركنا بتعليق






لا يوجد تعليقات بعد