وسائل وأهداف علمنة العالم العربي والإسلامي


إن المتتبع لما يجري على الساحة العربية والإسلامية، يدرك أن هناك إرادة خارجية ترمي إلى تغيير الأوضاع في العالمين العربي والإسلامي، بما يتفق ويتماشى مع مصالح القوى العظمى، ويبدو جليا لمن يمعن النظر، ويدقق التفكير، أن هذه القوى ظاهرة كانت أو خفية، ترى في الإسلام الخطر الأكبر الذي يتهدد مصالحها، لذلك جمعوا أمرهم على محاربته بكل ما يملكون من قوة ووسائل، ليخرجوه من القلوب والعقول، لأن تجاربهم ودراساتهم أظهرت لهم أن الإسلام كان وراء كل الثورات التحررية التي اندلعت في العالم العربي والإسلامي، وأسهمت بطريقة مباشرة في تحريره من نير الاحتلال الغربي.

ولأن هناك رغبة لدى القوى الكبرى في إيجاد نظام عالمي جديد موحد سياسيا وثقافيا واقتصاديا، وهذه الرغبة يتصدى لها الإسلام لكونه يجمع بين الدين والدنيا..

وقد عبر عن موقفهم من الإسلام صراحة الألماني رئيس الجمعية البرلمانية في الأمم المتحدة أندرياس بومل A. bummel ” إن الإسلام هو العقبة الوحيدة في مواجهة النظام العالمي الجديد”، ولا يخفى على أحد أن إرادة إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية في العالمين الإسلامي والعربي، بما يضمن إضعاف الإسلام، وتجريد شعوبه من وسائل المقاومة وأدواتها، قد تأكدت أكثر فأكثر مباشرة بعد حادثة 11. 09. 2001 وشرعت هذه القوى في تنفيذ الخطط التي وضعها الخبراء من أمثال اليهودي لويس برنار lewis. Bernard والتي حازت على موافقة الكونغرس الأمريكي، حيث اعتمدها كمشروع للسياسة الأمريكية، في تقسيم العالم العربي والإسلامي يجري بتنسيق تام مع إسرائيل، التي هي عبارة عن طليعة الجيوش الغازية للمنطقة، تنقل لهم كل المعلومات التي تعينهم على التخطيط لضرب المنطقة وتكشف لهم عن نقاط ضعفها، كما أنها تمثل قوة ضاربة تكفل لهم إضعاف قوى المقاومة وشغلها بمعارك هامشية، تمنعها من التفرغ لبناء قوتها والتحضير الفعال للمعارك المصيرية الحقيقية.

وقد اعتمدوا لتحقيق مخططاتهم في ضرب الإسلام وإضعاف تأثيره في النفوس والعقول وسائل وأدوات عديدة ومتنوعة نذكر من بينها:
ـ التنفير من الإسلام وذلك عن طريق إظهار الإسلام بأنه معاد للتطور، مناهض للتقدم، وأنه السبب المباشر للتخلف الذي تعاني منه شعوبه.

ـ إظهار الإسلام على أنه لا يعترف بحقوق الإنسان، وأنه المسؤول عن ما يلحق المرأة من ظلم وحيف، وتحريضها على الانتفاض والمطالبة بما يقترحونه عليها هم من حقوق، كالمساواة في الميراث، وحق الزواج بمن خالفها في الدين، بل حتى حق التعدد في الزواج.

ـ التخويف من الإسلام والربط بينه وبين الإرهاب، واعتباره دين يدعو للعنف وأن معتنقيه سفاحون متعطشون للدماء، يستهويهم القتل، ولا يتورعون عن قتل حتى الأطفال والنساء، معادون للحضارة الإنسانية حتى أن أتباعه يهدمون الآثار.

ـ تقسيم المسلمين وذلك بإيجاد تصنيفات والترويج لها إعلاميا لتستقر في الأذهان وتعتادها العقول وتعتمدها فيما بعد في تنظيم العلاقات وتحديد المواقف، من مثل: متطرفين، معتدلين، إسلام راديكالي، إسلام وسطي، أصولي، إسلاموي.

ـ السعي للتدخل في النظم التعليمية وإجبار الدول العربية والإسلامية على تغيير مضامينها بما يترتب عنه تجريدها من المضامين الدينية التي تحرض على الجهاد، وتعلي من شأنه، وذلك لضمان تحييد أثر الإسلام في حشد الناس، وتحريضهم على مقاومة أي عدوان خارجي يستهدف البلاد.

ـ إثارة الصراعات الطائفية والعرقية في المجتمعات العربية والإسلامية، لتندلع بينهم حروب أهلية، فتجعلهم يقبلون بالتقسيم الذي يقترح عليهم، وذلك ما نراه يحدث في العراق، وسوريا، واليمن، وليبيا، وحتى في المغرب العربي.

ـ الضغط على الدول العربية والإسلامية وذلك عن طريق المنظومات القانونية الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، لاستبعاد كل أثر للإسلام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، من مثل ذلك: منع النقاب والحجاب في المؤسسات الحكومية والإدارات والمؤسسات الخاصة والعامة، واعتبار مراعاة شعيرة الصيام في رمضان تدخلا في الحرية الشخصية، واعتبار عطلة الجمعة مسببة لخسائر اقتصادية مما يستوجب العودة إلى عطلة السبت والأحد.

بمعنى أنهم يتخذون من عولمة العالم العربي والإسلامي أداة ووسيلة هامة لإبطال مفعول الإسلام في النفوس والعقول وجعله عاجزا تماما عن تحريك الجماهير والشعوب والأمم. أما أهدافهم من ذلك فهو تهيئة النفوس والعقول لتقسيم البلاد العربية والإسلامية وفقا لمخططات تم إقرارها منذ سنة 1983، للتمكن من فرض النظام العالمي الجديد على الجميع..
والأمل قائم في أن يحبط شباب العالم العربي والإسلامي هذا المخطط، وأن يحفظ على عالمينا وحدتهما الترابية بل قد يمكنه الله تعالى من تحقيق وحدتهما السياسية، فعلمنا بهم أنهم رجال أبناء رجال، ومن كان كذلك فإنه لا يرضى لدينه وأمته ووطنه ضيما أو مهانة بل هو حريص كل الحرص على أن تكون سائدة لا مسودة وقائدة لا مقودة..

بقلم: محمد العلمي السائحي

شاركنا بتعليق






لا يوجد تعليقات بعد