الأمّة والعلّة الكبرى..!


تتجسّد علّة الأمّة في كلمة واحدة هي : ” الخروج عن التربية الإسلاميّة ” .. بامتداداتها المتعدّدة الأبعاد .. التي تقوم على مَبدأ الحقّ الذي هو دين الإسلام ..
إنّنا نريد ” للتربية الإسلاميّة ” أن تملأ ساحات الأمّة وكيان المجتمع .. أن تحكمَ الرُّؤَى والتوجّهَات ، والمواقفَ والتصرّفات .. من خلال الدين الحقّ ، الذي ارتضاه الله لها منهجاً للحياة ..
نريْد للأمّة أن تجمعَها جادّةُ ” التربيةِ ” الأصيلةِ على كلمةٍ سَواء .. بعدما فرّقتها السبل ، وتشعّبتْ بهَا الأهواء .. ولم تجنِ من وراء ذلك سوى التبعيّة العمياء ، واللهاث وراء الأوهام والسراب .. وتفرّق الكلمة وبناء الحدود والحواجز بين أبناء الأمّة .. وجَفوة الأصدقاء ، واصطناع الأعداء ..
نريْد للأمّة أن تخرج من نفق التسيّب والضياع .. وفقد الهويّة ، ومتاهات التبعيّة العمياء .. نريْد للأمّة أن تنتقلَ من شهوة القول وزخرفته ، إلى مسئوليّة العمل الجادّ وأمانته .. نريْد لها أن تضعَ ” التربية ” في بؤرة الضوء .. فلا يحجبها شيْء ، ولا ينازعها أيّ اهتمام ..
ونريْد أن تكونَ ” التربية ” محْور حياتنا ، ومركز اهتمامنا ، والقضيّة الكبرى التي منهَا نبدأ ، وعليها تلتفّ جهودنا ، لتكونَ حصنَ مجتمعاتِنا الحصين ، وملاذها الأمين ..
ونريْد أن نخرج بالتربية أكبرَ شريحةٍ من السلبيّة واللامبالاة ، والاتّكاليّة المقيْتة ، إلى دائرة الشعور بالمَسئوليّة ، والموقف الإيجابيّ البنّاء ..
وإذا أردنا أنّ نعرّف التربية بحقائقها ؛
فالتربيةُ هي حسن التواصل ، وفنّ الحوار بين الأجيال .
والتربيةُ ليست عنفاً ، ولا ردّات فعل ، تفتقر إلى العقل ..
والتربيةُ هي الصورة المثلى لما نؤمن به من مبادئ ، وما يختزن في أعماقنا من حقائق ..
والتربيةُ همّ عميق ، ونفَس طويل ، ورؤية ناضجة ، وحكمة بالغة .
والتربية بيئة حاضنة ، تفيض بالعلم والأدب ، والرفق والحبّ .
والتربيةُ هي صفحة نفوسنا ، ومرآة قلوبنا ، وثمار عقولنا .
والتربيةُ هي الضرورة الأولى والواجب الأكبر للمواجهة بين الحقّ والباطل ، وبين الهدى والضلال .. وإذا كانت الهجمة على أمّتنا في هذا العصْر قد فاقت كلّ التوقّعات ، وتجاوزت كلّ ما سبقها على مدار التاريخ من الهجمات ، فإنّنا واثقون بقوّة الله تعالى أنّ مصير تلك الهجمات الماكرة الحقود لنْ يخرج عن مصير ما سبقها من التباب والبوار ، إذا صدقنا العزم بمواجهة الباطل بأقوى أسلحتنا وأمضاها ؛ ألا وهي التربية الإسلاميّة ، بوسائلها وأساليبها ، وأهدافها وقيمها .. وعندئذ سنرى تصديق وعد الله تعالى ، وسنّته المَاضية في الحياة وخلقه : { فأمّا الزبدُ فَيَذهَبُ جُفاءً ، وأمّا ما يَنفعُ الناسَ فيَمكُثُ في الأرض كذلكَ يَضرِبُ اللهُ الأمثالَ (17) } الرعد .
{ والله غالبٌ على أمره ، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون (21) } يوسف .

بقلم الدكتور عبد المجيد البيانوني

شاركنا بتعليق






لا يوجد تعليقات بعد