أهمية الوقت وكيفية استثماره


الوقت هو عُمر الإنسان، ورأس مالِه في هذه الحياة؛ ذلك أنَّ كلَّ يوم يمضي على الإنسان يأخذ من عُمره ويُقَرِّبه إلى أَجَلِه، فكان حري بالعاقل أن يستغلَّ ويمضي هذا الوقت الذي مَنَحَهُ الله إياه فيما يرضي ربه، وأن يحقِّق لنفسِه السعادة في الدُّنيا والآخرة.

ولِعِظَمِ الوقتِ وأهميته فقد أقسم الله سبحانه وتعالى به في كتابه الكريم في مواضع عدة منها قال تعالى: (وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، وفي الحديث الشريف عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس، الصحة والفراغ)، رواه البخاري.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل يعظه: (اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هِرَمِك، وصِحَّتَك قبل سِقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك)، رواه الترمذي بسند حسن.

 

أهمية تنظيم الوقت

ــ يزيد من الشعور بالراحة والرضا على مختلف أمور الحياة، ويزيد من الثقة بالنفس، ومن احترام الناس له.

ــ يزيد من قدرة الإنسان على التحدّي، ومواجهة المشاكل والضغوطات التي يتعرض في مختلف مجالات الحياة، في المدرسة أو العمل، أو الشارع، أو المنزل، بالإضافة لزيادة القدرة على التغلّب على الصعوبات.

ــ يُسَرِّعُ إنجازَ المهام في وقت قياسي، وإمكانية قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، بالإضافة للخروج في نزهة بهدف الرفاهية، وتمتيع النفس.

ــ يساعد على تحقيق الكثير من الأهداف، والنجاحات، لأنه يزيد القدرة على الإصرار والثبات، ويحسن من إنتاجية الفرد، ويزيد من قدرته على التركيز.

خصائص الوقت

على كل عاقل أن يعرف خصائص الوقت ليحسن التعامل معه، ومنها:

ــ من الخصائص التي تُميز الوقت سرعة انقضائه، فالوقت يمر على الإنسان بسرعة كبيرة لا يعلم خلالها كيف مرّ وانقضى، وكل ذلك من عمر الإنسان الذي بمروره ينقضي شيئاً فشيئاً. قال تعالى في كتابه العزيز: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ).

ــ الوقت الذي ينقضي من حياة الإنسان وعمره لا يعود ولا يستطيع الإنسان تعويضه، ولذلك عليه الحرص على عدم ضياعه، حتى لا يندم على ذلك.

ــ الوقت أغلى وأثمن ما في هذه الدنيا، فقيمة الوقت لا تُقدر بمالٍ أو ثروة، لسببين الأول: أنّ الوقت سريع الانقضاء، والثاني: أنّ ما مضى من الوقت لا يمكن إرجاعه.

قال يحيى بن هبيرة أستاذ الإمام ابن الجوزي -رحمه الله-:

والوقتُ أنفَسُ ما عُنِيت بحفظِه    وأراه أسهَل ما عليكَ يضيعُ.

 

ما هي أسباب ضياع الأعمار والأوقات؟

ولقد تعدّدت أسباب ضياع الأوقات في حياة النّاس، ومنها:

1-عدم وجود أهداف أو خُطط للحياة أو ما يمكن أن نسميه بالعشوائيّة القاتلة، كمن يعيش في الدنيا للطعام والشراب ولا يعرف لنفسه هدفًا ولا يدرك لحياته قيمة، كهؤلاء الذين يعيشون في الدنيا في لهوها ولعبها لا هدف لهم إلا الطعام والشراب فكانت حياتهم أشبه بالحيوانات، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾

2-التكاسل المختلط بالتسويف، وهل حقّق التكاسل أملاً لأحد؟!، يعدّ التكاسل مع التسويف سلاحان قاتلان لأوقات النّاس، لذلك يكره الاستسلام للتسويف، بل لا بد من التعجيل بالأعمال؛ لا سيّما ما كان منها مرتبطًا بعمل الآخرة

3-الصحبة السيئة ومرافقة غير الجادّين: فالرفقة السيئة تعمل على قتل وقت الآخرين؛ لأنها لا تريد لأحد أن يكون أفضل حالاً منها، ولذا لن تجد صديقًا لك سيئًا يحرص على وقتك أبدًا، بل تجده يوجِد لك مبررات لتضييع الأوقات، ويعمل على إلهائك عن مقاصد خلقك في هذا الوجود.

4-عدم إدراك حقيقة الأوقات، وحقيقة صفاتها التي سبق ذكرها، خاصة بكاء الصالحين على فوات أوقاتهم يوم القيامة، فلو عرف الإنسان حجم المأساة، وحجم الخير الذي يضيع منه بضياع وقته، لما رفع رأسه من على الأرض سجودًا وإقامة لطاعة الله تعالى، ولما توقف عن العمل الصالح له في الدين والدنيا والآخرة.

 

كيف أنظم وقتي

ـ تحديد خطة يومية وذلك عن طريق كتابة خطة يومية لما سوف تبدأ بالقيام به منذ الصباح حتى نهاية اليوم، وتكمن أهمية هذه الخطة في أنّها سوف تعطيك لمحة كيف سيكون يومك، وليس بالضرورة تحقيق البرنامج كاملاً بحذافيره، ولكن تحقيق الكم الأكبر منه يساهم في الثقة بالنفس وتعزيز قيمة الوقت في حياة المسلم.

ـ تحديد وقت زمني لكل مهمة يجب إيضاح الوقت الذي يلزم من أجل إتمام المهام التي تمّ تحديدها، مع الحرص على إتمامها في وقتها.
ـ تحديد الأولويات ليس بقدرة أحد القيام بالمهام جميعها فيجب تحديد المهام ذات الأولوية، مع أهمية القيام بها، ووضع جدول خاص بالمهمات والأنشطة التي ينوي المرء القيام بها خلال فترة معينة مثلاً خلال أسبوع وتصنيفها حسب أهميتها أمور عاجلة، أو مهمة، أو ليست مهمة.

ختاماً

نستطيع القول بأن اليوم الذي يمر علينا جميعاً لن يعود مرة أخرى، فعلينا أن نجد ونعمل، كل ذلك من خلال كيفية استغلال وقتنا بشكل صحيحاً، فالوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك أي إنك إن لم تقدر قيمته، فستظل طوال حياتك في دائرة مغلقة، فقم الآن باستغلال كل لحظة وكل يوماً يمر عليك في حياتك، وقم بتحقيق طموحاتك وارسم لمستقبلك معالم ملموسة، وكل هذا من خلال تقديرك لقيمة الوقت.

ورحم الله أمير الشعر أحمد شوقي القائل:

دقاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ ٌ له *** إنَّ الحياةَ دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها ***فالذكر للإنسان عُمر ثاني

 

بقلم: حمزة جمعة الفرج

شاركنا بتعليق






لا يوجد تعليقات بعد